يعد الإقبال على المخدرات من طرف القاصرين من كلا الجنسين ظاهرة خطيرة وغير مسبوقة والتي باتت تُستهلك بشكل لافت للانتباه، سواء داخل المقاهي أو الأحياء أو الشوارع أو الأماكن العمومية بل وحتى في محيط المؤسسات التعليمية.
وعلى الرغم من حملات الخلية الأمنية و فرقة محاربة المخدرات التابعة للمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، لم تعد كافية للحد من هذه العاصفة السامة التي ركبت أمواج عقول القاصرين في ظل الغياب الواضح والصريح للدعم المباشر لجمعيات المجتمع المدني الغائب الأكبر عن الاندماج مع معاناة أولياء ضحايا الإدمان بشكل أصبح يدق ناقوس الخطر.
ورغم أن نسبة مهمة من الشباب والشابات ضحايا الادمان يستعملون مخدر الشيرا و"الكيف"، فإن آخرين يستهلكون بشراهة "المعجون" أو أقراص الهلوسة المعروفة ب"القرقوبي" ولصاق العجلات " السيليسيون" بشكل مباشر بشوارع الجديدة، غير أن القاسم المشترك بينهم هو أنهم يلجئون إلى هذه السموم كبديل عن حلم وهمي. هذا وقد عرفت أسعار حبوب الهلوسة المعروفة ب "القرقوبي" إلى أثمان غير مسبوقة، إذ بلغ سعر الحبة الواحدة 70 درهما في الأحياء الشعبية، بعد أن كانت أسعارها تتراوح ما بين 15 و30 درهما ،ويجري ترويج كميات كبيرة وسط الأحياء الشعبية وبجوار المؤسسات التعليمية ، حيث يبتدع الموزعون طرقا متعددة للإفلات من المراقبة الأمنية باستغلالهم لفئات عمرية من أجل ترويج المخدرات ولإبعاد الشبهات عليهم .
الأجهزة الأمنية الإقليمية بالجديدة،منها على الخصوص المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية،أطلقت مع بداية السنة الجارية حملات صارمة وواسعة لإيقاف مروجي المخدرات بمختلف مناطق الجديدة، علما أن هذه السموم تزيد من مستويات العنف، وتكون وراء مآسي كبيرة.الإجراء الأمني هذا يدخل في إطار إستراتيجية مصالح الأمن الإقليمي بالجديدة من أجل مكافحة الجريمة،كما أوضح مصدر أمني "للجديدة24" أن هذه الحملات أسفرت عن إيقاف مجموعة من المبحوث عنهم، الذي صدرت في حقهم مذكرات بحث محلية ووطنية أكثر من مرة دون أن يجري الاهتداء إليهم.
وقد ذكر المصدر أن "الخطة الجديدة للأمن تتمثل في مداهمة المجرمين في أوكارهم، وليس انتظارهم حتى يتحركون أو يرتكبون فعل إجرامي"، موضحا أن "هذه الخطوة كانت مثمرة، وأسقطت مجموعة من المجرمين الخطيرين في قبضة الأمن.بحيث قادت هذه الحملات، في الأسابيع الأولى من شهر فبراير الجاري، إلى إيقاف 10 مروجين للمخدرات في مدينة الجديدة لوحدها، كان البحث جاريا في حقهم، على الصعيد المحلي والوطني،كما حجزت فرقة مكافحة المخدرات حوالي 3 كيلوغرامات من مخدر "الشيرا" و"الكيف" ونسبة مهمة من التبغ المهرب، في حين أحالت الضابطة القضائية أكثر من 150 مشتبها بهم، على النيابة العامة لدى محكمتي الدرجتين الأولى والثانية بالجديدة، متهمين ب "الاتجار في المخدرات، والسرقة الموصوفة، أو بالخطف، وإصدار شيك دون رصيد، وكذا، من أجل ارتكاب جنح وجنايات أخرى".
فرغم الحملات الأمنية المتواصلة بمحاربة ترويج المخدرات بمختلف مناطق الجديدة أو المحيط الإقليمي لم تعد كافية في ظل الانتشار الجديد أو المحتضن الجديد و الواسع لظاهرة استهلاك وبيع المخدرات بالتقسيط ببعض المقاهي ،مما ينتج عنه زيادة عدد الجرائم والاعتداءات ، لم يسلم منها في غالب الأحيان حتى رواد هذه المقاهي بكل سهولة ودون مبالاة على كل من سولت له نفسه عدم الانضباط لإيقاع الصمت خوفا من أن تنكشف أعمال هذه " المافيا الصغيرة "،وفي ظل ازدياد الكم الهائل لبعض المقاهي وسط المدينة وبمحيطها إلى جانب بعض الملاهي الليلية التي تساهم بدورها في احتضان القاصرين. أصبحت هذه الأخيرة تسمح بالاستهلاك العلني للمخدرات بكل أنواعها وتوزيعها خلسة في أوساط الشباب، للحفاظ على الربح المادي التي لا تحققه حتى أرقى المقاهي بوسط المدينة. مما جعل البعض يطلق حكمته التالية " كل الكراسي تؤدي إلى الإدمان " هذا الإدمان الذي يشكل خطرا على الشباب والمجتمع ويعد العمل الرئيسي لتفشي مختلف الجرائم كالسرقة والاغتصاب و عقوق الوالدين التي أصبحت العنوان الرئيسي في الجرائم العصرية، وكثرة الأمراض النفسية والجسدية .
وبالإضافة إلى ذلك فقد عرفت بعض المقاهي حالات من الفوضى والعنف استدعت تدخل رجال الشرطة ويذكر المواطنون القاطنون بجوار هذا النوع من المقاهي أنهم أصبحوا الأكثر تضررا من روائح الشيرا و الشيشة التي تخنق أنفاسهم وبالخصوص الأطفال الصغار ناهيك عن الضجيج والكلام النابي الساقط الذي يصدر من أفواه رواد هذه المقاهي مما يدفع إلى التساؤل عن من هو الحامي القوي لهذه المقاهي التي لم تعد تبالي بما هو مدون بدفتر التحملات؟؟ في حين يرى بعض المتتبعين للشأن العام المحلي أن فئة من هذه المقاهي تحولت إلى بؤرة حقيقية لإدمان المخدرات بكل أنواعها من طرف الشباب والقاصرين ، ومصنع صغير لتفريخ الجريمة الكبيرة إن لم نقل المنظمة ؟؟
والسبب يعود أساسا الى غياب المراقبة الصارمة لدى الجهات المختصة لهذه المقاهي التي تحتضن شباب وشابات قاصرين،خاصة السلطات المحلية صاحبة الاختصاص والمجلس البلدي الموقع على رخص الاستغلال بالإضافة إلى غياب دور جمعيات المجتمع المدني للمساهمة ببرامج توعية ميدانية وبشكل مستمر وطرح الوسائل البديلة لإبعاد هؤلاء المدمنين ضحايا تجار السموم ضمن أجندتهما الغارقة في المجال السياسي والثقافي و.... مع إعطاء الدعم النفسي لأولياء ضحايا الإدمان الذين يعيشون صراعهم اليومي في صمت وبتجاهل تام ،في ظل الغياب الواضح الذي يطرح أكثر من علامة استفهام ؟؟
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة