متسول ينصب على ضحاياه بالجديدة بافتعال حالات إغماء متكررة بالشارع العام
متسول ينصب على ضحاياه بالجديدة بافتعال حالات إغماء متكررة بالشارع العام

كنت صباح يوم الجمعة الأخير وابنتي الصغيرة في الطريق بها نحو المدرسة ، فجأة صرخت الصغيرة بابا شوف راجل ميت ، بسرعة وطأت على كابح حركة السيارة ، وترجلت نحو الرجل الذي كان ممددا بإحكام شديد على قارعة الطريق بشارع جبران خليل جبران ، دنوت منه فتأكدت أنه لازال يرسل أنفاسا أكدت لي أن سكرات الموت لم تنل منه بعد .

 

طلبت مني ابنتي أن أهاتف الوقاية المدنية للإسراع في نقل الرجل نحو مستشفى المدينة ، لم أرضخ لطلبها وكنت كمن يمتنع عن تقديم مساعدة لشخص في حالة خطر وأنا أدرك طبعا ما يترتب عنها من جزاء قانوني .

 

أقنعتها أن الرجل الممد على الأرض لاخوف عليه ولاهم يحزنون ، وأخذت أشرح لها أنه يمثل مدرسة جديدة في التسول قائمة على النصب والاحتيال على المتصدقين ، وأنه من مخلفات زيطة صانع العاهات الذي ذكره الروائي العالمي نجيب محفوظ في روايته الشهيرة زقاق المدق .

 

ابتعدت خطوات عن الرجل الممد وراقبت تطورات الوضع ، وبعد برهة استيقظ ورفع رأسه يمشط ما بجواره ، ثم دخل في غيبوبته المصطنعة ، دون أن أترك الفرصة تفلت مني كي ألتقط له صورة تؤرخ لحركاته وسكناته المفتعلة .

 

حتى لا أطيل عليكم فإن الرجل هو متسول يتحدر من سيدي إسماعيل ، اختار أن يكون مشمولا بعطف الناس ، طريقة جديدة للنصب عليهم وبطريقة قانونية ، فهو عادة ما يستغل فترات ذروة المرور وبشارع مهم بالمدينة ، يلتفت يمينا ويسارا قبل أن ينام بهدوء على قارعة الطريق ، وبعد برهة يبدأ الناس في التوقف والتوجه نحو جسده المسجي كالنعش الذي ينتظر المواراة ، يحضر رجال الوقاية المدنية ويكبر الحشد حول الرجل ، وهي اللحظة التي يململ فيها رأسه طالبا جرعة ماء وينخرط بعدها في نوبة بكاء مخرجا وصفة دواء من جيبه بمبلغ 1000 درهم ، متمتما أنه رب أسرة في كل مرة يزيد من عدد أفرادها ، وبطريقته الخاصة يجعل القلوب ترق لحاله وتنهال عليه الصدقات من كل المتحلقين حوله ، ويحمل الرجل إلى المستشفى ليخرج منه على التو ، متأهبا لاختيار شارع آخر يعيد فيه مشهد إغماءاته المتكررة ، لتواصل الوقاية المدنية نقله إلى المستشفى أكثر من خمس مرات في اليوم ، مع ما يشكله لها ولرجال الأمن من إزعاج من الشخص ذاته الذي يدلي بها في كل مرة بأسماء مختلفة.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة