كثرت التأويلات بين المهتمين بالشأن التربوي بجهة دكالة عبدة حول أسباب عدم انسحاب الأعضاء المنتخبين بالمجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين دكالة-عبدة من اجتماع المجلس المنعقد يوم الجمعة 19/12/2014 ، كما دأبوا عليه خلال الاجتماعات التي لا يترأسها السيد وزير التربية الوطنية ،و قبل الخوض في بعض التفاصيل لا بد من إعطاء نظرة سريعة عن تطور المجالس الإدارية الجهوية .
لقد عايشت التجربة منذ نشأة المجالس سنة 2003 إلى الآن كمقرر الجنة الدائمة التي من المفروض أن تهتم بالشؤون المالية والاقتصادية و تقوم بعملية تتبع تنفيذ مقررات المجلس الاداري ذات الوقع المالي وإعداد دراسات واقتراحات في هذا الموضوع وتتبع مدى تنفيذ المقررات المتخذة في هذا الشأن، تطبيقا للمادة 6 من القانون 00.07 ، فلم يكن يسمح للأعضاء بالمشاركة في وضع التصور الأولي للميزانية إلا خلال السنة المالية 2014 أي بعد إحدى عشر سنة من النضال، لكن أعفتنا وزارة التربية الوطنية من كل هذا حيث لم تخصص في ميزانية 2015 للاستثمار سوى150735000.00 درهما خصص منها 139054261.19 لاستكمال مشاريع البناء المبرمجة سنة 2014 و 6000000.00 لإصلاح المؤسسات التعليمية و 5680748.81 لتجهيز الإحداثات مما يوضح أن الجهة لن تستفيد من أي بناء جديد رغم الاكتظاظ المخيف و الخصاص المهول في التوسيع و التأهيل.
أما عن عدم انسحاب الأعضاء المنتخبين من اجتماع 19/12/2014 و الذي ترأسه السيد الكاتب العام عوض السيد وزير التربية الوطنية يمكن إيجاز ذلك في النقط التالية:
- حكمة و تبصر الأعضاء المنتخبين جعلتهم يستحضرون الظرفية الخاصة التي تمر بها بلادنا من جراء مخلفات أمطار الخير، و الكل يعلم تأثير عدم البت في ميزانية الأكاديميات على إقرار الميزانية الفرعية لوزارة التربية الوطنية ؛
- الرغبة الملحة في استثمار الاعدادات التي قام بها الأعضاء المنتخبون مع العديد من القطاعات الأخرى، و خاصة السيد والي الجهة و السادة عمال الأقاليم خلال الاجتماع، و ذلك بمطالبة جميع القطاعات بالتعاون و التدخل من أجل تغيير الصورة الباهتة التي أصبحت عليها المنظومة التربوية، و فعلا حصل التواصل الإيجابي بين أغلب مكونات المجلس، و طرحت – للاستئناس - مبادرة آسفي مع السيد الوالي و مبادرة سيدي بنور مع السيد العامل ؛
- عدد الأعضاء المنتخبين أقل،مقارنة بممثلي القطاعات الحكومية الأخرى الذين يشكلون الأغلبية ، و بالتالي يبقى أثر التغيير في المجالس الإدارية، و أثر تفعيل القرارات، و هامش المشاركة، و التأثير في اتخاذ القرار ضعيفا جدا ... ؛
- الانسحابات السابقة كانت خلال اجتماعات تقويم الحصيلة و ليس التصويت على الميزانية ؛
- القيام بالواجب الوطني في الدفاع عن المؤسسات الوطنية و الاحتكام للقانون يقتضي دراسة تاريخ المؤسسة و مدى تطور العقليات المتحكم فيها، فوزارة التربية الوطنية كانت تعقد اجتماعا واحدا في السنة عوض اثنين، و بعد نضالات مريرة من أجل تطبيق القانون استجابت لذلك سنة 2008 ، و سبق لها أن عقدت اجتماعات المجالس الإدارية قبل صدور نتائج الانتخابات في الجريدة الرسمية 2009 و نبهنا السيد وزير التربية الوطنية بصفته رئيس المجلس لهذا المشكل القانوني فلم يقنعنا بجوابه أنذاك حيث قال " لقد اتصلت بالسيد الوزير الأول فلم يعترض على ذلك ... " و سبق أن أصدر الأعضاء المنتخبون عدة بيانات و بلاغات و عقدوا ندوة صحفية يوم السبت 6/7/2013 بمدينة الجديدة، شرحوا خلالها تصورهم حول أشغال المجالس الإدارية و سلطوا الضوء على الوضع التربوي و التدبيري بأكاديمية دكالة ـ عبدة ، ووجهوا رسالة مفتوحة للرأي العام الجهوي والوطني ورئيس الحكومة المغربية والمنظمات الحقوقية والمدافعين عن الديمقراطية داخل المؤسسات...؛
- و أخيرا التكتيك يقتضي البحث عن صيغة جديدة لإيصال احتجاج الأعضاء المنتخبين لكل من يهمه أمر المنظومة التربوية، حيث كان الانسحاب من اجتماعات المجلس الإداري ثلاث مرات 21 مارس 2012 و فاتح يوليوز 2013 و 14 يوليوز 2014 و كلها كانت بسبب عدم ترأسه من طرف السيد وزير التربية الوطنية تطبيقا للمادة 4 من القانون 00.07 . أما بالنسبة لاجتماع 19/12/2014 فقرر الأعضاء بحكمة و ذكاء الامتناع عن التصويت لعدم شرعية الاجتماع.
على سبيل الختم
مما سبق يستنتج أن إعادة النظر في تركيبة المجلس الإداري للأكاديمية مسألة ملحة و يقتضيها التطور الحاصل في استراتيجيات اشتغال المؤسسات الوطنية، فالمجلس بوضعيته الحالية صوري، فلن ينتظر من 12 عضوا منتخبا بالمجلس الإداري أن يؤثر في 37 عضوا بالصفة ( ممثلي الإدارة )، كما تجدر الإشارة إلى أن توصياتاليوم الدراسي الذي أعدته وزارة التربية الوطنية حول تقويم المجالس الإدارية، أجمعت توصياته على ضرورة إعادة النظر في التشكيلة ، و بالرجوع إلى التقارير الأخيرة للمجلس الأعلى للحسابات (2009 و 2010) نجدها تشير إلى عدة اختلالات تدبيرية على مستوى ممارسة الحكامة في تدبير بعض الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين، مؤكدة على الارتباط الوثيق بين هيكلة المجالس الإدارية للأكاديميات و انعكاساتها السلبية على جميع المجالات التدبيرية للأكاديميات....
لكن كل هذا لن يحجب أن القطاع الأكثر شفافية مقارنة بباقي القطاعات ( تقييم محكي ) هو قطاع التربية الوطنية، فلا توجد حرية التعبير في باقي المجالس القطاعات الأخرى كما هو موجود في المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين ، كما لا يمكن تغييب أن هذه الحرية و هذا التطور انتزع بفضل نضالات الأعضاء المنتخبين في كل المجالس الإدارية للأكاديمية الجهوية.
عبد الرزاق بن شريج
عضو المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة