يوجد شبه إجماع لدى مختلف الجامعيين والمتتبعين على أن جامعة شعيب الدكالي بالجديدة قد عرفت أربعة سنوات عجاف وتراجعات في عدة ميادين وعلى عدة مستويات خلال الولاية الرئاسية 2011 / 2015.
هذا الأمر نستشفه من خلال الواقع المعيش واليومي كأساتذة وكذلك من خلال كتابات بعض الجامعيين وبيانات النقابات سواء النقابة الوطنية للتعليم العالي أو نقابات الموظفين، ناهيك عن مطالب مختلف الفصائل الطلابية التي ما فتئت تشخص الوضعية وتطالب بحلول للمشاكل المتراكمة كالاكتظاظ والتسجيل الغير المشروط لجميع الطلبة الحاصلين على الباكالوريا بالمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح...
بالطبع الرئيس القادم للجامعة سيكون له مشروع لتنمية وتطوير الجامعة، والكل يدرك ذلك، لكن هل سيتم هذا على أنقاض المشروع السابق. هل سنقبر كل ما ورد في مشروع الرئيس السابق ولم يتحقق مثل الولوج للمجلات الإلكترونية، البطاقة المهنية للأستاذ، تبسيط المساطر الإدارية، الحكامة الجيدة...بالنسبة لنا لا بد من وقفة تأملية وأخذ مسافة نقدية عسانا نتدارك بعض الأمور التي وردت قبل في المشروع السابق لكن لم تتحقق في معظمها. فإننا لا نعتقد بمشروع دوغمائي جاهز يطرحه الرئيس بشكل فوقي بل إن أي مشروع لتنمية الجامعة مهما كان شأنه لن يكتمل ولن يتبلور إلا من خلال تفاعله الدينامي مع مختلف مكونات الجسم الجامعي من أساتذة وطلبة وموظفين. لذا نتوخى من خلال هذه المذكرة التذكير والتفكير لكي لا نضيع المزيد من الوقت ولا تذهب الولايات هباء منثورا ونحن قابعين نتفرج. نعتقد صادقين أن زمن السلبية الجبرية والقهرية قد ولى مادام يوجد دستور للبلاد يربط المسؤولية بالمحاسبة ويضمن للسائل الحصول على المعلومة التي تتعلق بالشأن العام وغير ذلك من المسائل الإيجابية بالرغم من الغياب الواضح لإرادة سياسية حقيقية لتفعيل وأجرأة هذه الفصول المهمة فيه (أي الدستور). ومع ذلك نعتقد أن الحلقة اكتملت مادام القانون 01 00 لتنظيم التعليم العالي كان يطلب من المسؤولين الجامعيين مشروعا لتنمية الجامعة أو المؤسسة بشكل عام و هلامي يفتقد الـدقة لكن الدستور الجديد للبلاد أضحى يربط المسؤولية بالمحاسبة ويشترط الجودة والنجاعة والشفافية في تدبير المرافق العمومية لا سيما من خلال بعض الفصول منه مثل 154- 155-156.
ويأتي في مقدمة المطالب والأولويات بجامعة شعيب الدكالي حسب رأينا المتواضع:
· التقدم في إنجاز "النـادي الـجـامعي" الذي تم التخطيط له سواء عن طريق النقابة الوطنية للتعليم العالي و جمعية الأعمال الاجتماعية (متعا) منذ أزيد من عقد من الزمن. فمن العار أن تذهب كل الجهود التي بدلها الأساتذة وبعض المسؤولين السابقين على الجامعة سدى دون أن يتحقق هذا الحلم الذي راودنا جميعا منذ مدة من الزمن. وكل إرجاء أو تماطل في تحقيق ذلك سيتم اعتباره كتوجه يعاكس إرادة الأساتذة والجامعيين عموما.
· إجراء تقييم كمي وكيفي للمشاريع السالفة الخاصة بتطوير الجامعة أي منذ سنة 2002 تاريخ البدء بالعمل بمشروع تنمية الجامعة.
· التعجيل بإحداث المدرسة العليا للتكنولوجيا بسيدي بنور، التي وردت قبل ذلك في ولايتي الرئيس 2002 /2011، لكن تأخرت بشكل ملحوظ خلال الولاية 2011/2015 دون أن نعرف السبب في ذلك.
· إحداث كلية الطب والصيدلة خصوصا مع توفر مدينة الجديدة حاليا على مستشفى حديث ويصلح بكل المقاييس لأن يكون مركزا جامعيا.
· بالإضافة إلى ضرورة تدارك المسائل التي كانت موجودة وتراجعت مثل الربط بالأنترنيت ومعالجة مشاكل الصبيب الذي صار حديث الجميع وكناية على درجة النكوص والتدني الذي وصلت إليه الجامعة.
· تحقيق الولوج للمجلات الإلكترونية(online) وهو الوعد الذي لم يستطع الرئيس السابق الالتزام به واحترامه بالرغم من أن الجامعة دفعت أموالا للاشتراك والانخراط فيها.
· تبسيط المساطر الإدارية لإعطاء الساعات الإضافية أو ساعات التكوين المستمر بنفس الجامعة التي ينتمي إليها الأستاذ وكذلك صرف المستحقات خلال فترة زمنية معقولة بالنسبة للمؤقتين و للمتدخلين الخارجيين الذين يساهمون في التكوين إلى جانب أطر الجامعة.
· الحكامة الجيدة من خلال استعمال جيد وعقلاني للموارد البشرية تعتمد على الاستحقاق والكفاءة وذلك سواء على مستوى الجامعة أو المؤسسات الجامعية التابعة لها.
· إجراء افتحاص حول توزيع الموارد البشرية للموظفين على مستوى الجامعة والمؤسسات التابعة لها. وهل هناك فعلا عدم توازن لصالح رئاسة الجامعة على حساب المؤسسات الجامعية؟ بمعنى آخر هل هناك تضخم للموظفين برئاسة الجامعة بينما المؤسسات الجامعية تعاني من الخصاص. ناهيك عن مشكل التفريط في بعض الأطر والكوادر الذين تم تعيينهم في بداية العشرية الأولى من القرن في إطار الحركات الاحتجاجية للمعطلين كموظفين بمقر الجامعة لكن تم السماح لهم بالانتقال لجهات أخرى في ظروف، أقل ما يمكن أن يقال عنها، أنها يكتنفها الغموض ومحاطة بالكثير من التساؤلات.
· فتح المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح في وجه جميع الطلبة الحاصلين على الباكالوريا وبدون استثناء.
· إيلاء وإعطاء التكوينات الأساسية والدبلومات الوطنية والإجازات الأساسية الأسبقية والأولوية بدل التكوينات المؤدى عنها. ففي الوقت الذي لا تتوفر فيه بعض المؤسسات على الموارد البشرية الكافية من أساتذة وإداريين كيف تعطى الأولوية، في تناقض صارخ مع مبادئ الحكامة والتدبير الجيدين، للتكوينات الثانوية التكميلية وغير الأساسية والمؤدى عنها؟ ومن المنطقي والطبيعي أن يتم ذلك على حساب الملتحقين الجدد من حاملي الباكالوريا الذين أضحوا، للأسف، لايجدون في الجامعة العمومية ملاذا لهم. ناهيك على أن أبناء الإقليم الذين يضطرون للتسجيل في جامعات أخرى كالبيضاء ومراكش...بينما من المفترض أن يوجد تخصصهم هذا بمدينة الجديدة. فأين نحن من "جامعة القرب" وغير ذلك من الشعارات التي ترفع بمناسبة تقديم المشاريع؟ وأي انفتاح للجامعة على الجهة والإقليم هذا إذا لم يجد الطالب حتى التكوينات الأساسية الدنيا بجامعة إقليمه؟
· تحسين أداء مواقع الجامعة والمؤسسات التابعة لها وإدخال خدمات إضافية ووضع أرضيات( plateforme de formation online) للتكوين والتواصل البيداغوجي بين الطلبة والأساتذة.
· وضع معايير واضحة وشفافة لتسجيل الطلبة / الموظفين وتهييئ بنية استقبال لهم خصوصا المنتمون منهم لسلك التعليم .مع اعتبار تسجيل هؤلاء الطلبة/الموظفين بالجامعة كـنوع من انفتاح الجامعة على محيطها والتكوين المستمر لرجال ونساء التعليم في حدود الإمكانيات المتاحة وحسب القدرة الاستيعابية التي تتوفر للجامعة طبعا. الأكيد أن هذا التسجيل أصبح قرارا سياديا بيد الجامعة في إطار استقلاليتها فلا مجال لربطه بالإدارات المركزية للوزارة.
· إحداث جناح أو أجنحة خاصة بالتكوين المستمر ومستقلة عن قاعات الدرس المخصصة للطلبة. وهو الوعـد الذي أعطاه رئيس الجامعة خلال مشروع الرئاسة 2002 / 2011 لكن لم يلتزم به أي أحد لحد الساعة. فالتكوين المستمر يتطلب التسيير الذاتي(autogestion) سواء من حيث التمويل أو من حيث التدبير لا أن يتم على حساب قاعات وإمكانيات المؤسسات الجامعية التي تعاني أصلا من الاكتظاظ والخصاص. ومثال كلية الآداب يبرز بشكل جلي كيف تم التكوين المستمر على حساب قاعات الدرس وتقليص إمكانية تفويج الطلبة وفي الوقت الذي لا تتوفر فيه شعب جديدة على مقرات لائقة. فالتكوين المستمر يجب أن يكون قيمة مضافة للمؤسسة لا أن يكون وبالا عليها ويعمق مشاكلها. وهنا يجدر بنا التساؤل أي استفادة تجنيه المؤسسة من التكوين المستمر؟ فحتى بعض التجهيزات الخاصة التي المتوفرة للتكوين المستمر لا يستفيد منها باقي الطلبة والقاعات تبقى موصدة في وجههم حتى في حالة شغورها.
· فتح تحقيق نزيه من طرف جهة محايدة بخصوص الأعطاب المتكررة للحافلة الجديدة التي اقتنتها رئاسة الجامعة وكان من المفترض أن تكون سليمة وهل تشكل خطرا على سلامة الطلبة والأساتذة.
· فتح تحقيق في سبب عدم إنجاز بعض المشاريع مثل الربط بالمجلات الإلكترونية والبطاقة المهنية للأساتذة أو ضعف المردودية وتدنيها في بعضها الآخر مثل الربط بالأنترنيت. وضرورة تحديد المسؤوليات وتوضيح إن تسبب هذا التقصير في هدر أموال عمومية دون نتيجة وبشكل يفتقد النجاعة؟
· إرساء ثقافة حقيقية للحوار بين كل الأطراف الجامعية وبالخصوص مع نقابات الأساتذة والموظفين وممثلي الطلبة ونبذ أسلوب المراوغة والتماطل البائد. فهذه الطريقة في إدارة الحوار تؤجل المشاكل وتفاقمها وتراكمها مؤدية للاحتقان وفقدان الثقة وانسداد الآفاق.
وفي الأخير نعتقد أن تجاهل وعدم استحضار هذه المسائل التي لم تتحقق خلال الولاية السابقة بالإضافة إلى أخرى أضحت حيوية قد يكون بمثابة كارثة ستحل على الجامعة وعلى المسؤول الأول أن يتداركها بكل ما أوتي من جدية ووفق ما تتيحه له صلاحياته الواسعة. هذه الإجراءات كفيلة بتحقيق نوع من المصالحة والتطبيع بين مختلف مكونات الجسم الجامعي طلبة، أساتذة وموظفين. أما غير ذلك فيبقى ضربا من المغامرة والمقامرة التي لن تفضي في نهاية المطاف سوى للمزيد من التنافر والتصادم. كما أن عدم تحديد المسؤوليات بدقة ووضع تشخيص لبعض المشاريع السابقة التي تعرضت بشكل أكيد للفشل سيكون خطأ جسيما مع سبق الإصرار.
عبد العزيز الماحي
الجديدة في:02 مارس 2015.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة