الدكتورة نعيمة الواجيدي تناقش أطروحة الدكتوراه للباحثة ثروية أسعدي
ناقشت الدكتورة نعيمة الواجيدي أستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، بصفتها رئيسة ومقررة يوم الاثنين 07 أبريل 2025 بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان أطروحة الباحثة تورية أسعدي، التي وسمتها الباحثة بعنوان بلاغة السخف في شعر الهجاء، دراسة في الاستراتيجيات الخطابية، وذلك بإشراف الدكتور محمد مشبال. وقد أكدت الأستاذة نعيمة الواجيدي أن الباحثة قد ارتادت حقلا بكرا ، بدراستها السخف في غرض الهجاء، بوصفه موضوعا مهمشا لم يحظ بالبحث في خصائصه وسماته النوعية، ولم تقتصر على استخراج التيمات الخاصة به، وإنما عمدت إلى البحث في بلاغة السخف، بوصفها بلاغة نوعية ،تتسم بخصائص تتميز من البلاغة العربية المعيارية التي استمدت خصائص عناصرها من الأغراض الجادة ،كالمدح والفخر والرثاء، و بينت ما هو جديد وطريف في هذه الأطروحة، وهو توصل الباحثة، من خلال فحصها للقصائد والمقطوعات، وتحليلها لها، إلى تحديد دقيق لسمات بلاغة السخف في الهجاء، فإذا كانت جزالة اللفظ وفصاحته سمة للمعجم اللفظي في البلاغة، فإن هذا المعجم في شعر السخف يتسم بشيوع الألفاظ الغريبة ذات الإيقاع الخشن والعامية والدخيلة، وإذا كانت الاستعارة المكنية هي المهيمنة في المدح والفخر والرثاء ،فإن الاستعارة التصريحية تهيمن هيمنة واضحة في شعر السخف، ويعود ذلك إلى سهولتها وبساطتها بالنسبة إلى المتلقي ،الذي لا يجد عنتا في فهمها.وهناك خاصة مهمة تميز الصورة الشعرية في هجاء السخف ،وهي هيمنة الحسية عليه ،لأن عنصري الصورة، سواء تعلق الأمر بالتشبيه أم بالاستعارة، حسيان ،ووجه الشبه أو العلاقة القائمة بينهما محسوسة أيضا، ذلك أن شاعر السخف يهدف إلى التشهير الجنسي بالمهجو وإلى تعرية المرأة التي تكون أما أو زوجا أوأختا،ووسمها بالشبق والفجور،ولذلك يبدع صورا محسوسة ،تجعل المتلقي يرى عبرها المشاهد التي تكون فيها الحركة مصحوبة بالعنف .وهذه البساطة تنسحب أيضا على الأوزان والقوافي،فبخلاف الشعر الجاد الذي تشيع فيه الأوزان الطويلة الفخمة،كالطويل والبسيط والوافر،فإن الرجز المشطور والمجزوء يشيع في هجاء السخف،نظرا لكون الرجز وزنا ملائما لمعاني الأغراض الشعبية،كما أقر ذلك المعري في كتاب الصاهل والشاحج،حين أكد أن الرجز المشطور والمنهوك نوع شعري،يستوعب المعاني التي تتعلق بالحياة اليومية لأهل الجاهلية.ويضاف إلى هذا أن القوافي التي تنتهي بالضمائر تشيع في هجاء السخف،وهي قواف ضعيفة تنكبها الشعراء في الأغراض الجادة واستضعفوها ،لأن الروي فيها ليس من سنخ الكلمة .وجنوح شعراء السخف في الهجاء نحو البساطة ناتج عن رغبتهم في شيوع قصائدهم بين عامة الناس،لأن من بينهم شعراء برعوا في الأغراض الجادة، فركبوا الأوزان الفخمة الطويلة ووظفوا المعجم الجزل،وأبدعوا الاستعارات التخييلية .... والمقارنة بين شعرهم في تلك الأغراض وشعر السخف،تؤكد أن لهجاء السخف بلاغة نوعية تميزه من البلاغة المعيارية ...ولهذا تنحسر الملامح الجمالية في هذا الشعر الذي يروم فيه الشعراء فضح المهجو والتشهير الجنسي به وإثارة السخريةمنه.وقد أبرزت الباحثة خصائص أخرى لهذه البلاغة النوعية ،كالسخرية،بوصفها صورة كبرى،تشمل أساليب لغوية وصورا شعرية،والمبالغة التي تصل حدودا قصوى في الصفات وفي الصور الشعرية ،سواء تعلق الأمر بالتشبيه أم بالاستعارة أم بالكناية.هذه بعض من السمات البلاغية التي توصلت إليها الباحثة في تحليلها للبلاغة النوعية لشعر السخف في الهجاء, يسعنا ،إلا أن نهنئها على جرأتها العلمية،وشجاعتها على اقتحام هذا الموضوع الذي يثير علاقة شائكة بالقيم الأخلاقية،والذي هو ،في الوقت نفسه،جزء من تراثنا الشعري،كما قال الدكتور محمد مشبال،الذي كان له فضل اقتراح هذا الموضوع،والذي تابعه بكل عناية وحرص وتدقيق.وقد شارك الدكتورة نعيمة الواجيدي في مناقشة هذه الأطروحة الأستاذة الكريمة جميلة رزقي والأستاذان الفاضلان الدكتور محمد البقالي والدكتور عبدالفضيل الدراوي،الذين أغنوا هذا العمل بملاحظاتهم السديدة وتوجيهاتهم الدقيقة،والذين أثنوا على جهد الباحثة وثمنوه حق تثمينه،ولهذا قرروا ،بالإجماع، منحها ميزة مشرف جدا وتهنئتها والتوصية بطبع أطروحتها القيمة..