يهود مدينة آزمور : مظاهر التعايش و أسباب الهجرة
لقد عاش اليهود بمدينة آزمور في سلم و سلام و محبة بين اخوانهم المسلمين، منذ أن قدموا إليها في القرن الرابع عشر الميلادي من مدن مغربية مختلفة، حتى فترة هجرتهم منها في إتجاه مدن مغربية كالجديدة و الدار البيضاء و مراكش، و دول أوروبية مثل فرنسا، و في أمريكا الشمالية ككندا و الولايات المتحدة الأمريكية، و كذلك اسرائيل بهدف تأسيس دولتهم العبرية بأرض فلسطين. إن من مظاهر التعايش بين المسلمين و اليهود بمدينة آزمور، هو تواجد ضريح سيدي محمد الضاوي بجانب ضريح ابراهام مول نيس، الذي يشكل محج اليهود المحليين و غير المحليين لممارسة طقوسهم الدينية، و يبقى هذا الضريح مجهول الأصل و مجهول تاريخ الولادة و الوفاة، و لا نعرف عليه شيئا سوى بعض الروايات التي تحكي عن كراماته، و حسب نكول مارتينيز في مؤلفها " Essai sur les aspects symboliques et religieux de la poterie à Azemmour" فإنه تم تحويل قبر ابراهام مول نيس من الملاح القديم بطريق امهيولة إلى المكان الحالي بملاح القصبة.في فترة الحماية الفرنسية و بالضبط سنة 1926م، عرفت آزمور أكبر هجرة يهودية، حيث تقلص عددهم من 1500 يهودي إلى 500 يهودي، و حدثت هذه الهجرة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي و الأمني بمدينة آزمور، و لأن أغلب يهود آزمور كانوا فقراء، فإن جون دارلي صاحب مؤلف " monographie de la ville et de l'école franco-musulmane d'Azemmour" يستبعد فكرة هجرتهم إلى إسرائيل التي كانت تتطلب قدرا مهما من المال.و زاد تقلص عدد اليهود بآزمور مع مرور الزمن، بسبب تواجد الاوروبيين الذين اصطدموا بمقاومة محلية عنيفة خلال الفترات الأولى للتوغل العسكري الفرنسي بالمنطقة، الأمر الذي أحدث خللا في مستوى الإستقرار الأمني، و النتيجة تدهور الإقتصاد المحلي و خاصة تراجع مزارع الحناء و القطن و الزيتون و صناعة الفخار التي عوضت بالصناعة المعدنية.عاش بآزمور عدد لا بأس به من الأسر اليهودية منهم أسرة الكوهن و رويمي و بكو و بنسيمو و حيمي و أبشيد و ملول و حريزة و حديدة و بنيستي و اوحين و واكنين... إلخ، و قد استغرق مقامهم ما يناهز ستة قرون، حققوا خلالها نشاطا تجاريا مهما بالمدينة لم يرى له مثيلا منذ بداية هجرتهم إلى فرنسا و الولايات المتحدة الأمريكية و كندا و فلسطين سنة 1959م حتى حلول عام 1980م، و الملاحظ أن هناك قليل من اليهود من رفض الهجرة، و فضل البقاء بمدينة آزمور بين ظهران اخوانهم المسلمين، بل منهم من اعتنق الإسلام و تزوج من المسلمين.